نسّاخون عمانيون: عبدالله بن بشير بن مسعود بن سعيد الحضرمي «حي: 1178هـ/1765م»
نسخ بيده المصحف الشريف ويعد ثروة علمية وفنية نادرة -
عرض: سيف بن سالم الفضيلي -
لغزارة الإنتاج الفكري العماني ظهر النساخون العمانيون ليتولوا أمر الكتابة، سواء كان ذلك نقلا عن المؤلفين، أو بإملاء العلماء لهم، أو نسخا لكتب قديمة، أو أنهم كعلماء نسخوا لأنفسهم.
وتميز النساخون العمانيون بأنهم على قدر من الثقافة وجودة الخط فقد أعملوا جهدهم وتفننوا في الخطوط وفي تمييز بعض الكتابات والكتب بألوان معينة ونقوش وتقسيمات، ومع وجود النساخين كان للعلماء المؤلفين باعا كبيرا في نسخ الكتب لأنفسهم دون الحاجة إلى نساخ خاص.
حلقاتنا في ملحق (روضة الصائم) لهذا العام اخترناها لقارئنا الكريم أن تكون عن (النساخين العمانيون) ليتعرف على الدور الكبير والجهد الحثيث الذي قام به الأجداد لنقل إرثهم وإنتاجهم الفكري عبر القرون الماضية لتستفيد منه الأجيال جيلا بعد جيل.
ولقد كان لـ «دائرة المطبوعات» بوزارة التراث والثقافة تعاون كبير في هذا الجانب حيث زودتنا بالمخطوطات التي حملت خطوطهم الفريدة كما استعنا بـ (معجم الفقهاء والمتكلمين الاباضية- قسم المشرق) عن سير هؤلاء النساخ .. فكانت هذه السلسلة من الحلقات.
عبدالله بن بشير بن مسعود بن سعيد الحضرمي «حي: 1178هـ/1765م»
فقيه ناظم للشعر؛ عاش في القرن الثاني عشر بولاية صحار، كان ذا خط جميل وقد نسخ بيده مصحفا للقرآن الكريم إذ يعد ثروة علمية وفنية نادرة، باستخدامه طريقة غير مسبوقة في كتابة المصحف، فقد جمع في المصحف القراءات السبع بطريقة فنية بديعة لا يفطن إليها إلا من أمعن النظر في الخط، ويعد هذا المصحف نموذجا حيا على فـن الخط العربي.، نسخه لنفسه في ربيع الأول سنة (1157/ ابريل 1744م)، وقد تم تصويره ونشرها حديثا بأمر من جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.
وللفقيه الناسخ العديد من الآثار العلمية منها (النور المستبين في إيضاح الحجج والبراهين وهو ما زال مخطوطا) في أصول الشريعة وفروعها يذكر فيه الحكم ودليله فقط دون التعرض للأقوال.
فيقول: (حجة كذا هو كذا وحجة كذا هو كذا وكذا وهكذا)، والكتاب مهم جدا في بابه، جمع الأحكام وأدلتها، وجعلها في تسعة عشر بابا من أبواب الشريعة.
وألف الشيخ الفقيه هذا الكتاب لما رأى أن الحجج متفرقة غير مجموعة، فأراد جمعها تسهيلا على المتعلم، وتقريبا لحفظها، وقد انتهى من تأليفه سنة (1178هـ/1765م)، ويقع في 288 صفحة تقريبا.
كذلك كتاب (عقد الدر الثمين المختصر من كتاب المصنف «مخطوط») والكتاب اختصار فيها المصنف للعلامة احمد بن عبدالله الكندي ويوجد منه جزآن في مجلد واحد بمكتبة وزارة التراث والثقافة.
جعل الشيخ الحضرمي في مختصره المسألة عوضا عن الباب، والباب عوضا عن الجزء من الكتاب وقد وصل في اختصاره إلى الجزء التاسع والعشرين ثم لم يكمله يقول الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان:
وأظنه قد حال عن إتمامه
ريب المون وذاك أمر ينتظر
وكتاب (الكواكب الدري والجوهر البري «مخطوط») في أصول الشريعة وفروعها، شرع في تأليفه سنة (1167هـ/1754م)، وقد جعل المؤلف كتابه في أربعين نهجا.
والناهج عنده يقوم مقام الباب وجعل في كل نهج مائة مسألة وهو لا يذكر الدليل إلا نادرا ولا ينسب القول لصاحبه إلا قليلا، ولا ينسب القول لصاحبه إلا قليلا، إلا انه قد يذكر الراجح عنده في بعض الأحيان، وأكثر نقله عندما ينقل عن العلماء المتقدمين ولكنه قد ينقل عن بعض العلماء المتأخرين.
وللفقيه الناظم الناسخ قصيدة في مدح بعض الأئمة وهي من بحر الكامل على قافية الهمزة.
ولم تذكر المصادر تاريخا لوفاته إلا انه كان حيا إلى سنة (1178هـ/1765م).
ومما جاء في احد الكتب التي نسخها (وقع الفراغ من كتابة كتاب الاستقامة بعون الله تعالى ومنه وفضله وكرمه وحسن توفيقه وقت صلاة العصر في يوم الأحد لعشر ليال خلون من شهر رجب من شهور سنة ستة وستين سنة ومائة سنة وألف من الهجرة على يدي أفقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمة الله عبدالله بن بشير بن مسعود بن سعيد بن عمر الحضرمي الصحاري نسخه لنفسه طلبا لثواب رب العالمين وإحياء لسنة نبيه الأمين ورغبة في إدراك فضل الصالحين وانه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وصلى الله على خير خلقه ونور عرشه ومعدن صدقه محمد النبي وآله وسلم تسليما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
